رياضة
فيصل الفايز للملك: لقد احرجنا الاعيان..!
وجهة نظر اللوزي آنذاك كانت بسيطة : هذه التعديلات رسالة للداخل وللخارج.
بما أنها كذلك ينبغي أن تحقق معايير المساواة، فتساوي المرأة بالرجل تماما، لكن المحظور الذي سمعه الرجل مباشرة من مستشاري القرار هو التركيز على الجدل السياسي الذي يمكن أن تثيره عبارة دستورية من هذا النوع.
بالنسبة للوزي ولبقية أعضاء لجنة الدستور برز الدافع بقوة لصياغة تغيير تاريخي في الدستور ما دامت الأضواء الخضراء قد صدرت، لكن الطرف المقابل كان يلفت نظره لان معايير العدالة هنا لن تعني إلا ‘تجنيس’ أبناء الأردنيات، وهي خطوة ستعني الغرق في جدل الوطن البديل والجنسيات والديمغرافيا.
عبثا حاول حقوقيون إقناع أصحاب القرار بأن المسألة لا علاقة لها رقميا بالتوطين ولا الوطن البديل، لكن الجواب جاء باستمرار ‘الفيتو’ على هذا النص المدني، حيث رفض المستوى الأمني ومن خلفه حكومة البخيت أي تنازلات في هذا الإطار والتزم القرار السياسي برأيهما وخذل مهندس التعديلات عجوز السياسة والحكمة أحمد اللوزي.
إزاء مقترح آخر يتعلق بتداول السلطة وثالث يتعلق بآلية تشكيل الحكومة عطلت اتجاهات اللوزي ورفاقه في اللجنة الملكية لصياغة دستور جديد وعند مفرمة الحكومة التشريعية خففت الكثير من النصوص التي كان يمكن ان تضفي طعما جديدا على الحياة العامة والسياسية وتحرم المعارضين والمناكفين وأنصار تويتر الشارع من ذرائع متعددة استخدمت بقوة ضد النظام طوال أشهر الحراك.
وعلى نفس المسطرة من التفكير الأمني ـ السياسي الضيق اختارت الحكومة توقيتا عبثيا للغاية لمحاولة فرض مادة جديدة على القانون تحصن الفاسدين من التحدث عنهم وسوء التوقيت الذي يدلل على غياب ‘المطبخ’ الحقيقي وصل لحد أن قالها المخضرم عبد الرؤوف الروابدة مباشرة وفي القصر الملكي: توقيت المادة 23 أضاع فرحتنا بالتعديلات الدستورية ومنح الروح مجددا للحراك الشارعي.
عمليا من يقول ذلك ليس ليث الشبيلات بل أبرز ‘إداري ومشرع’ في الدولة الأردنية وأحد أبرز رجالات النظام، وحتى يصادق رئيس مجلس النواب فيصل الفايز على رواية سوء التوقيت قال للملك: سيدي لقد احرجنا الأعيان عندما تهربوا من إقرار نص الفساد فساءت سمعة النواب بالشارع.
وبعد مثل هذه المجادلات داخل مؤسسات القرار وبين رموزها يمكن التماس ملامح الفرحة والفرصة الضائعة للاحتفال بملف التعديلات الدستورية، وقد تزامن ذلك مع ثلاث رسائل ملكية حسمت مسائل عالقة تقول الأولى للجميع ضمنيا بأن حكومة الرئيس معروف البخيت، ورغم كل ما قيل بها وعنها جالسة إلى ان تجري الانتخابات البلدية في الشهر الأخير من العام الحالي.
الرسالة الثانية تقول ضمنيا أيضا بان مجلس البرلمان الحالي ليس بصدد الحل والحكومة التي ستجرؤ على حله ستستقيل حكما وقد يبقى لعامين آخرين على الأقل، أما الرسالة الثالثة فتقول بوضوح بأن حزمة تعديلات الدستور التي اعتمدت ومرت بقنواتها ودخلت حيز التنفيذ تشكل ‘السقف’ الذي يمكن قبوله مرحليا، رغم ان الملك شخصيا لمح في اللقاء الأخير بقادة البرلمان الى ان الفرصة متاحة امام تعديلات دستورية أخرى مستقبلا. مقابل ذلك ما الذي حصل في الشارع؟..
الجواب بسيط وسريع فيوم الجمعة الماضية وبعد ثلاث ساعات فقط من نفاذ تعديلات الدستور الطازجة نزل الإسلاميون بقوة للشارع مع غيرهم ونفذوا سلسلة اعتصامات أكثر كثافة وتسييسا وفي خمس محافظات كان الرد عبر هتاف الاعتصامات بثلاث ‘لاءات’ الأولى لبقاء الحكومة الحالية، والثانية لبقاء البرلمان الحالي ‘المزور’ حسب الجمهور، والثالثة التنديد بالترقيعات الدستورية والمطالبة بتعديلات جوهرية وحقيقية.
ولم يكن الإسلاميون وحدهم في هذا المضمار بل ساندتهم في لاءاتهم تنسيقيات الحراك في المحافظات وأوساط العشائر، وتحديدا في قبيلتي بني حسن وبني صخر وحي الطفايلة وعشائر جراك جرش، حيث نظمت العديد من الاجتماعات تحت نفس اللافتة.
على ضوء ذلك يبرز سؤال مركزي وجوهري اليوم: ما الذي سيوصي به عباقرة النظام الذين استمع لهم القرار السياسي وهم يضغطون عليه مقترحين خصومات وتقميشات واختصارات على التعديلات الدستورية يعلمون مسبقا وجيدا أن الشارع تجاوزها؟ لتحصيل إجابة خالية من الافتراض لا بد من التريث لقياس أثر التعديلات الدستورية التي احتفل بها الجميع داخل السلطة فقط في الوقت الذي تكفل فيه رجال السلطة دون وقبل غيرهم بنزع الدسم منها عبر خداع النظام وتضليل المرجعيات، وفي الكثير من الأحيان عبر تقديم ‘بيانات ومعلومات’ ثبت بالوجه القاطع أنها غير دقيقة حتى لا نقول كاذبة.